مقال التنمية البشرية المستدامة

احمد عمر صافي
فلسطيني الجنسية / غزة
حاصل على ماجستير ادارة تربوية من مصر.
باحث دكتوراة :  (ادارة تربوية ), جامعة القران الكريم وتأصيل العلوم / السودان
مؤلف كتاب: الاداء الاداري المدرسي وادارة الجودة الشاملة. 2023
شارك في الكثير من المؤتمرات المحلية والدولية, وله العديد من الابحاث المنشورة

التنمية البشرية المستدامة:
بدأ الاهتمام بالاستدامة في بداية عقد السبعينيات من القرن الماضي, حينما تحقق لأعداد متزايدة من الأفراد أن فساد البيئة سوف يضعف ، بدرجة كبيرة ، القدرة علي ضمان التوسع في الازدهار والعدالة الاقتصادية, بالإضافة إلي الدراسات التي جذبت الانتباه لاستخدام الإنسان المفرط للبيئة سعيا وراء التنمية الاقتصادية، وتنامي الاهتمام العالمي باهداف التنمية والقيود البيئية ، ودراسة العلاقات بين البيئة والتنمية ,  حتى ﻧﻬاية السبعينات من القرن الماضي، ويعد موضوعة التنمية البشرية المستدامة من الموضوعات الحديثة الاهتمام نسبياً والتي اكتسبت اهمية كبيرة في العقود الاخيرة من القرن العشرين وحتى يومنا هذا لتعبر عن الوجه الانساني للتنمية والسياسات الاقتصادية,  والتي يمكن قياسها في اي بلد من خلال مجموعة من المؤشرات ومنها مؤشرات التعليم ومدى انتشار المعرفة ودورهما في بناء تنمية بشرية مستدامة.
  والتنمية المستدامة بشكل عام تمثل الرفاه الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بكافة اشكالهم, فهي تقوم على توفير كل الادوات والطرق اللازمة لتحقيق ذلك, من أجل توفير حياة كريمة للانسان, كما وتسهم في توفير حياة سليمة ومنتجة وهادفة لكل أفراد المجتمع حاضراً ومستقبلا , وتبنى علي أساس أن المجتمع لا يتكون من ثلاث اشكال منفصلة عن بعضها البعض ، بما يعني التأكيد علي الروابط المتعددة والمتداخلة بين الاقتصاد، والاوضاع الاجتماعية، والبيئية في المجتمع, لذلك يرتبط مفهوم التنمية البشرية المستدامة ارتباطا قويا بتوفير حياة كريمة وامنة للانسان.
 ويركز مفهوم التنمية المستدامة بشكل عام على المواءمة بين التوازنات البيئية والسكانية والطبيعية، لذا فالتنمية تسعى إلى الاستخدام الامثل وبشكل منصف للموارد بحيث تعيش الأجيال الحالية دون إلحاق الضرر بالأجيال المستقبلية, كما تعالج التنمية المستدامة مشكلة الفقر المتعلق بالسكان، لأن العيش في بيئة من الفقر والعوز والحرمان يؤدي الى استنزاف الموارد وتلوث البيئة, وعليه فان التنمية المستدامة جوهرها الإنسان كما هو الحال مع المفهوم الأساسي للتنمية البشرية, فقد أضيف مفهوم التنمية المستدامة الى مفهوم التنمية البشرية ليصبح مفهوم التنمية البشرية المستدامة.
 والتنمية البشرية المستدامة هي عملية تغيير تدريجي في نوعية حياة الإنسان، مما يجعلها محور التنمية وموضوعها الأساسي، من خلال النمو الاقتصادي مع العدالة الاجتماعية، وتحويل أساليب الإنتاج وأنماط الاستهلاك التي يتم الحفاظ عليها من خلال التوازن البيئي والدعم الحيوي للمنطقة,  وتتضمن هذه العملية احترام التنوع العرقي والثقافي الإقليمي والوطني والمحلي، فضلاً عن تعزيز ومشاركة المواطنين الكاملة في التعايش المنسجم مع الطبيعة، دون المساومة وضمان جودة حياة الأجيال القادمة.
   وتركز التنمية البشرية المستدامة على السعي لتحسين نوعية الحياة البشرية على المستوى المحلي, وهي مبنية على الدور الحقيقي للناس (أسر ، أطفال ، منتجون ، منظمات ومؤسسات محلية), ولكي تصبح التنمية البشرية المستدامة حقيقة واقعة، يجب على المجتمع أن يضع أهدافه وأهدافه الخاصة، وأن يثق في قوة المجتمع نفسه ، ويقدر ويؤكد الثقافة جنبًا إلى جنب مع معارفه التقليدية وأشكال التعايش المستقلة.